حطام الحب وظلال الجحيم
العمــــدة :: القائمة :: الموضيع العامه
صفحة 1 من اصل 1
حطام الحب وظلال الجحيم
حطام الحب ...
في بقعة تحت السماء يعيش شاب يفتقد أقل مقومات الحياة و لا يملك إلا مزرعة صغيرة هي كل ما خلفه له والده بعد أن قرر الهجرة من الريف إلى المدينة وذلك بعد وفاة والدته السيدة "ميلي" ...
الوالد هو السيد / ميشيل ...
و الشاب هو / إدوار ...
.
.
.
لم يكن إدوار سعيدًا بالحياة التي يعيشها بعد وفاة والدته و رحيل والده الذي لم يقنعه بسبب هجرته ولماذا لا يريده أن يذهب معه فكل الذي يعلمه أنه أصبح كإحدى الأوراق التي تسقطها مزرعته كل سنه في فصل الخريف و أن الأيام تجري لسبب واحد وهو أن تنفيه خارج حدود الحياة و عليه أن يقاومها على الأقل ليموت موتتًا بشرية فهو لا يريد أن يذبل كما تذبل بعض النباتات التي تعجز عن الوصول إلى سر حيتها بعد أن يغفل عنها الكائن البشري فإدوار كتب في دفتر حياته أن "البشرية هي قانون يعارض قانون الحياة و أنها تسعى جاهدة للهروب من أسلحة الموت فالبشر يهرعون إلى المناطق الممطرة عندما تشهر الحياة في وجوههم سلاح الجفاف "
و لأن الحياة هي العدو الذي يراه إدوار فهدفه الوحيد الذي يمنعه من أن يقتل نفسه هو مقاومة عدوه ليس أكثر و لهذا كتب على باب منزله "لم أمنعك أيها الموت من الدخول إلا لأني أرى في دخولك انتصارًا لألذ أعدائي" ....
.
.
.
عاش إدوار نصف عقد من عمره على هذه الحالة لا يخالط الناس كثيرًا ولا يتواصل معه أحد ...
بلغ عمر إدوار الآن ثلاثة و عشرون عاما و مع ذلك فهو يعيش في جسدٍ أنهكته الحياة حتى أنها أخفت منه معالم الفتوه و الشباب سئم إدوار من حالته التي لم تتغير منذ خمسة أعوام فقرر الرحيل من هذه المنطقة التي أرغمته على العيش في هذه الحالة طوال هذه المدة و قبل الرحيل ذهب إلى قبر والدته و أخذ يناجيها بقوله " بما أننا لن نجتمع مجددًا بسبب ابتعاد أرواحنا عن بعضها لا داعي من بقاء أجسادنا بالقرب من بعضها "
وسجل في دفتره القديم عبارة وهي "كلٌ مسئول عن ذاته و الحفاظ عليها ولا يحق له ظلمها لمجرد عقابها على ذنب لم تقترفه "
و أتخذ إدوار قراره و أجزم بعدم التراجع عنه و أن هدفه الوحيد الآن هو البحث عن ذاته فحسب ...
.
.
.
المدينة /
صخب الباعة هو الصوت الدخيل على إدوار وكان ذلك بمقابل تخليه عن النغم الذي تحدثه عصافير حديقته ولأن إدوار يبحث عن حياة أُخرى تكيف سريعًا مع هذه الأجواء ويعود ذلك ربما إلى استغنائه منذ فترة طويلة عن عنصر الراحة فهو لا يعرفها فضلًا على أن يفتقدها ...
و بينما هو يسير في أحد شوارع المدينة التي يجهلها و يجهل طبيعة سكانها أفتقد حس الشعور الذي يربطه بالعالم من حوله وهذا بسبب تداخل الكثير من الأمور في ذاكرته فهو بجانب إعجابه بالعمران من حوله يفكر أين يبيت هذه الليلة حاول إدوار أن يتصرف بغباء حتى يخرج من مأزق هذا التفكير فقرر تذكر الماضي و الاستمرار في المضي في طريقة التي يسلكها ولكن "ماذا يتذكر فهو لم يمر بمواقف تحتاج إلى ذكر وكل عمله منذ رحيل والده هو الاعتناء بمزرعته" وبينما هو على هذه الحالة سمع صراخ فنظر عن يمنيه فإذا به يفاجئ بكم هائل من البشر يتجهون نحوه بسرعة و فزع يتقدمهم رجل يرتدي لباس أسود و يغطي وجهه بقطعة قماش وفي يده كيس ملون و لأن إدوار لا يعرف الكثير عن تصرفات البشر أعتقد أنهم يريدون إلحاق الأذى به بينما هم يريدون سارق خزانة تاجر معروف بينهم يدعى السيد "بروس", فطرة إدوار التي لم تنضج بسبب قلة تجربته أجبرته على الهروب من هؤلاء البشر وبعد مسافة قصيرة من الركض أنهكه التعب فالجوع يعتصر فؤاده و الإرهاق يكبل أعضائه توقف إدوار عن الركض بعد أن أسند ظهره لزاوية منيعة وبعد أن تسلح بعصا وجدها ملقاة بالقرب منه , تجمع الناس حوله معتقدين أنه على علاقة بذلك السارق فطريقة هروب إدوار منهم أثارت الشكوك حوله وأنهم لا يتشبثون بدليل يدلهم على السارق المختفي غير هذا الكائن المنهك الذي يصارع أنفاسه مع أن جسده تظهر عليه معالم القوة و شدة البأس في نظرهم ويعود ذلك إلى الأعمال التي كان يمارسها إدوار في الريف .
.
.
.
انزياح الكربة /
لم يجرئ أحد من المحيطين بإدوار على الاقتراب منه فالخوف من التبعات أصاب تصرفاتهم بشلل مؤقت ولكنهم لم يبرحوا أماكنهم خوفًا على مال التاجر المحبوب بينهم وأنهم يعتقدون أن إدوار له دور في العملية التي تعرض لها التاجر , بدأت الشمس ترسل حرارتها على الأرض و بدأ الصمود يتبخر من جسد إدوار الخائف و بعد لحظات رأى إدوار أن ثمة رجل يشق صفوف المتجمعين حوله وقد كان ذلك الرجل هو التاجر وقد كان السيد بروس معروفًا بحكمته ونبل أخلاقة وهذا هو ما رفع منزلته في قلوب المحيطين من حوله ...
أقترب بروس من إدوار وقال له "من أنت ؟ ولماذا هؤلاء القوم يحيطون بك؟"
فيجيبه إدوار بصوت غير مستقر وبكلمات متقطعة "أنا غريب عن المدينة أما عن هؤلاء القوم فلا أعلم عن أمرهم شيئًا غير أنهم يريدون إيذائي وحسب"
- بروس /عجبًا لأمرك تهرب و أنت لم ترتكب أي ذنب !
- إدوار/ ولماذا لا أهرب فأنا لا أعلم ماذا يريدون مني وكل الذي أعلمه أن لي حياة يجب عليّ المحافظة عليها ولي جسد لا أُريد أن يمسه أذى .
- بروس صارخًا بمن حوله / يظهر لي أن هذا الرجل بريء ولا حاجة لبقائكم هنا أشكر لكم وفائكم الذي رأيت معالمه اليوم أيها الأوفياء .
تفرق الناس سريعًا ولم يتعجبوا من قلة تحقيق السيد بروس مع إدوار فنبله يصد رغبته من الحصول على ماله المسلوب بطريقة مبهمة كهذه ..
- بروس/ ما أسمك أيها الغريب ؟
- إدوار/ إدوار يا سيدي
- بروس/ وماذا تعمل يا أدوار في المدينة؟
- إدوار/ لا أعلم عن مستقبلي القادم شيئًا فأنا قدمت إلى المدينة للبحث عن حياة أُخرى و إلى الآن لم أجدها .
- بروس/ هل تقصد أنك لا تملك منزلًا يؤويك ولا عملًا يغنيك ؟!
- إدوار/ نعم يا سيدي .
- بروس/ حسنًا يا إدوار أذهب معي إلى منزلي الآن لتأخذ قسطًا من الراحة فإني أرك تصارع قواك ولا تستطيع تدبر أمرك و أنت في مثل هذه الحالة .
- إدوار/ شكرًا يا سيدي فهذا معروف لا أنساه ما بقيت .
نظرة مختلفة/
تغيرت نظرة إدوار للبشر فقد كان يحسب أن كل من ينظم إلى قائمة "أبن آدم" مسئول عن نفسه و حسب وقد رسخ هذا المعتقد في داخله منذ تخلي أقرب الناس عنه , ولكن ما رآه اليوم شيء مختلف تمامًا عن ما كان يعتقده فوقف الناس إلى جانب التاجر و تركهم لأعمالهم و موقف التاجر منهم ومن المتهم الذي كان بوسعه أن يتهمه وأن يأخذ ما بحوزته من مال .
.
.
.
لحظة الوصول إلى منزل السيد بروس/
يقف إدوار مذهولًَا أمام بوابة منزل بروس فالمنزل فخم و كبير لم يتخيل إدوار أن يرى مثله فضلًا على أن يدخله وقد أسمعه بروس في طريقهما إلى المنزل وقبل أن يصلا إليه نمط الحياة التي يعيشها و أنه تاجرٌ لديه سعة من المال وأنه كان متزوجًا غير أن امرأته توفيت منذ سنة ولا يعيش معه الآن إلا أبنته و تدعى "سوزان" .
قد كانت الزهور في فناء منزل السيد بروس فاتنة و ذات رائحة جذابة .
وقد كانت بركة الماء التي تتوسط مدخل المنزل تعطي طابعًا للثراء و جمال الهندسة الموجودة في المدينة
ولأن إدوار لم يغادر الريف في حياته و لأنه لم يدخل المنازل الفخمة من قبل لم يسعه إلا الذهول و الذهول فقط .
.
.
.
أول لقاء لأدوار مع سوزان /
قدم السيد بروس سترة أنيقة لأدوار و أشار إليه بالاغتسال ليمحوا عن جسده علامات السفر التي تجلت عليه شكره إدوار وقال "فعلًا هذا أللذي أحتاجه الآن"
ثم ذهب السيد بروس إلى غرفة أبنته سوزان و أخبرها بالضيف الذي أتى معه و أمرها بأن تصنع لهما طعامًا فلقد لقيا نصبا هذا اليوم هو و ضيفه , استجابة سوزان لأمر أبيها وبعد أن أتمت تجهيز الطعام اتجهت به إلى غرفة الضيوف حيث كان أباها و أدوار هناك ...
دخلت سوزان الغرفة فلما وقعت عين إدوار عليها شعر بشيء غريب اتجاهها لا يعلم ما هو ولكنه شيء يجذبه نحوها و يفقده السيطرة على نظره فلا يستطيع رفعه عنها , تجاهل إدوار هذا الشعور لكي لا يقع في مأزق غير لائق مع رجل أحسن إليه .
وبعد أن تناول الجميع الطعام وقبل أن يقوموا من على الطاولة سأل السيد بروس إدوار عن قصته و أخذ إدوار بسرد قصته عليهما , وكانت عينا سوزان الجميلتين تراقب حركات إدوار وكأنها طفلة فضوليه تريد أن تعرف كل شيء عن الذي أمامها .
.
.
.
اقتراح السيد بروس لإدوار/
بعد أن انتهى إدوار من قصته نال إعجاب و تعاطف السيد بروس و أبنته فأقترح عليه بروس بأن يعمل معه في تجارته و أن يسكن معهما إلى أن يجد المال الذي يخوله لشراء منزل خاص به , لم يستطع إدوار رفض هذه المساعدة لحاجته إليها وقال لـ"بروس" (أنك تسعى جاهدًَا لمساعدتي و أني أسعى جاهدًا للاعتماد على نفسي و لأن خدمتك هذه هي أول محطة لي في طريق الاعتماد على نفسي لا أستطيع ردها ولكن اعلم أن نفسي لا تستسيغ اتكالي على الغير فأنا كنتُ مزارعًا طعامي أنا من تسبب في وجوده ولم أعتد أن يقدمه لي شخص بهذه السهولة)
.
.
.
إدوار و الحديقة و سوزان /
خلد إدوار للنوم بعد أن تأثر من تعاطف السيد بروس من قصته و بعد أن كتب في دفتر ذكرياته هذه العبارة
"ربما يكون تعاطف من حولنا معنا شيء لطيف بالنسبة لمن يسمع القصة فقط وشيء قاسي و جدًا لمن يعايش قصة مماثلة أو من يستشعر هذا التعاطف عليه" .
وبعد أن أستيقظ إدوار من النوم قرر الذهاب إلى حديقة المنزل ليستمتع بها و بعد أن خرج أخذ يتأمل في بركة الماء و جمالها ثم شدته رائحة الزهور وذهب إلى الحوض الذي توجد فيه و لأنه مزارع لفتت نظرة زهرة صغيرة في مكانٍ غير مناسب و بينما هو كذلك رأته سوزان من شرفة غرفتها وهو في الحديقة فرحت لأنه أستيقظ ليشبع فضول بعض أسئلتها خرجت سوزان إلى الحديقة و حيته ثم رأت الزهرة الصغيرة في يده فداعبته بأخذها و وضعتها في شعرها و سألته عن رأيه بهذه الزهرة فأجابها إدوار بـ"ما خلت أنت تكون هذه الزهرة فاتنة إلا عندما رأيتها معكِ "
ابتسمت سوزان و سألته بخجل عن الدفتر الذي رأته يكتب فيه قبل أن ينام فأجابها بـ"نحن البشر نمر بمواقف يستحال علينا نسيانها و لأننا نريد أن نفرغ ما بحوزتنا من عواطف لا نجد وسيلة فعاله مثل تدوينها فندونها وبعد أن نغلق دفتر الذكريات نقطع التفكير فيها تمامًا"
.
.
.
حياة إدوار الجديدة/
تغيرت أحوال إدوار كثيرًا بل أنها تغيرت تمامًا فهو الآن يعمل مع السيد بروس في التجارة
و يمارس في حديقة المنزل الأعمال التي أعتاد عليها عندما كان في الريف ...
سرّ السيد بروس بإدوار فقد كان إدوار بجانب قوة جسده لا يستسلم للكسل فهو معتاد
على الاستيقاظ مبكرا وعلى الأعمال الشاقة ...
وقد قال له ذات يوم السيد بروس ممازحًا : إني أراك تعصر قواك و جهدك بشكل لم أراه من قبل في غيرك
فرد عليه إدوار : بأن الشمس و التعب نالا مني منذ زمن حتى استوفيا حصتهما من جسدي ...
.
.
.
سوزان و إدوار /
كانت سوزان هي الجانب الروحي لإدوار بعد أن فقد المشاعر التي كان يستمدها من والديه
و كان إدوار يلحظ تغير تصرفاته عندما تقابله سوزان حتى أنه كتب في دفتره الذي نال القدم
منه كل نيل : (مفردة الحب أيسر شيء فيه و أن المتمعن في أسرار الحب يلحظ أن هناك قوة داخلية تتغلب على إرادة العقل وعلى تأثير الخوف وتدفع الإنسان إلى ما يرغبه و إن كان لا يريده وهذه القوة هي قوة الحب)
و كتب أيضًا (أن جسد الإنسان ليس إلا وعاء يختلف عن سائر الأوعية بالمشاعر التي ضخت إليه)
و كانت سوزان هي الأخرى تشعر بما يشعر به إدوار اتجاهها غير أن إدوار يرى أنه الأكثر عطشا
وهو الأكثر تمسكا بها حيث قال : (سوزان لم تكتفي بالمشاعر التي تستمدها من والدها و تستخدمني ربما لأنها تريد تأمين أكبر قدر من المشاعر الجميلة أما أنا فتمثل لي سوزان الحياة التي افتقدتها و تمثل لي عنصر السعادة الذي سقط مني آنفًا ولم أجده إلى الآن)
.
.
.
القصر المهجور/
كان بالقرب من محل السيد "بروس" قصر مهجور وكان "إدوار" يتعجب من أن يكون قصرًا كهذا مهجور سأل إدوار السيد بروس عن سبب موت الحياة في هذا القصر فأجابه بأن هذا القصر أشتراه رجل غريب عن المدينة منذ أربعة أعوام وكان لهذا الرجل إمرة غريبة الأطوار لا شيء يصبرهُ على تصرفاتها إلا جمالها فقد كانت ساحرة الجمال و سيدة في الفتنة و الدلال ولم يلبثا في القصر إلا شهورا بعدها انقطعت عنا صورتهما و صورة الإنارة التي كانت تنبعث من القصر الجميل و انبعثت من القصر رائحة كريهة توصلنا بعدها إلى أن تلك المرأة الحمقاء قتلت زوجها ثم قتلت نفسها وبعد ذلك مات الصبر و الحمق من هذا القصر .
.
.
.
إدوار و صاحب القصر/
لم يكن إدوار يدرك أن في نهاية قصة صاحب القصر بداية لحياة جديدة بالنسبة له فقد علم من "بروس" أن للقصر أسمًا يعرفه به من في المدينة و أن القصر يدعى بقصر "ميشل"
أنه أسم والده الذي عرف مكانه الآن و أضاعه منذ خمسة أعوام , فهو الآن يعلم أين كان والده بعد سنة من افتقاده
كان متزوجا و يسكن هذا القصر تاركًا لأبنه تلك المزرعة وذلك الكوخ و مصارعة الحياة بمفرده .
لم يكن "بروس" بعلم أنه سيتسبب في انهيار جسد إدوار القوي فقط بذكر أسم ذلك القصر فهو و إن كان يعرف قصة إدوار كاملة إلا أنه لا يعرف أن أسم والد إدوار "ميشل"
.
.
.
نازلة إدوار/
حُمل إدوار إلى منزل "بروس" فهو لا يقوى على الحركة ولا يقوى حتى على الكلام فتمتمته تجعل من حوله في حيرة "ماذا يقول و هل يلفظ آخر أنفاسه الآن" هكذا هو إدوار بعد نزول الصاعقة عليه و هكذا هو طيلة اليوم المشئوم و إلى أن أستطاع إخبار السيد "بروس" و أبنته أن "ميشل" أسم والده الرجل الغريب الذي أتى إلى المدينة منذ أربعة أعوام , تأثرت "سوزان" كثيرًا و أرادت أن تشاطره جزء من عذاب نازلته وكذلك السيد بروس
لولا أن قانونًا غابرًا و متكدسًا بين قوانين الحياة يتجلى لهم وهو أن "النوازل لا تخص إلا شخصًا معينا لا يشاركه فيها أحد بإرادته و يبقى تأثيرها مركزًا على من وقعت عليه مهما حاول من حوله التخفيف من تأثيرها"
.
.
.
نصيحة بروس لإدوار /
وبعد ساعة من الذهول تنقضي لحظات الصمت من حول إدوار فـ"بروس" يقترح عليه أن يدخل القصر و أن يرى صورة الرجل التي على الحائط فإن كانت لوالده فلإدوار القصر وما يختزنه فمفتاح القصر في مكان ما ,لا يعلم عنه أحد من سكان المدينة إلا السيد "بروس" الذي أوكلوا إليه أمانة هذا القصر .
وافق إدوار و تحامل على نفسه ليصل إلى حقيقة ذلك القصر وحقيقة الاستنتاج الذي توصل إليه و أن "ميشل" هذا هو نفسه ذاك الذي سافر و سافر التفكير معه و الذي أفتقده طيلة تلك الفترة .
.
.
.
الصورة بملامح لامعه /
وصل إدوار و بروس إلى القصر الذي يسكنه حل اللغز , وقبل أن يدخلاه أحس إدوار بشعور غريب لا يكاد يوصف وهو ذات الشعور الذي كان يشعر به عند قبر والدته , تجاهل إدوار هذا الشعور فعواطف الإنسان شيء حقيقي و لأكنها لا تقول له الحقيقة دائما , دخل إدوار القصر و أنتظره بروس خارجًا , كان القصر بظلامه متشبع بعناصر الرعب , لا ضوء غير البصيص الذي تحدثه الشمعة التي بيد إدوار , أصوات الجرذان و الجنادب هي الصخب الوحيد في هذا القصر , يسير إدوار بخطى أعيتها بعثرة الأحداث و المفاجئات , و فجأة و بسابق إنذار من الشمعة التي لامست الجدار وصل إدوار إلى الحائط ومن ثورة فضوله رفع الشمعة سريعًا حتى كاد يقتلها الهواء الذي ارتطمت به , كان الرسام الذي رسم الصورة غاية في الإتقان هذا أول ما طرأ على إدوار , فقد أخفى من معالم الوجه أثار الشحوب التي كانت في والد إدوار و التي ولدت في الريف و المزرعة و التي اقتاتت الأعمال الشاقة و جعل للصورة من معالم الرفاهية الشيء الكثير و الشيء الذي يخولها للحصول على الإطار الثمين الذي يزينها ...
.
.
.
إدوار يرحب بـ"بروس"/
بعد أن أيقن إدوار أن الصورة هي صورة والده و أن "ميشل" الذي كان يسكن هذا القصر و الذي قتلته زوجته هو "ميشل" ذاته الذي ماتت زوجته في الريف و هو ذاته الذي قتل مشاعره اتجاه ولده الصغير الذي لم يطلع على الجانب الآخر للحياة فهو لا يعرف عنها و منها إلا الجهد و الموت ...
تجول إدوار في البقعة التي كان والده يقضي الحياة فيها و التي قُضي عليه فيها تجول وهو يضم الصورة التي لا يدري عن مشاعره نحوها فهو لا يحبها ولأكنه أيضًا لا يكرهها , وقع نظر إدوار على المدفئة فتناول منها ومن رمادها قطعة صغيرة لم تتناولها النار لتتركها له فكتب خلف الصورة التي كان يضمها "ينهار البشر في مواضع لا يحق لهم أن يعذبوا أنفسهم بها , فعدما يتجاهل الآخرين مشاعرهم اتجاهنا يجب علينا أن نكون أصحاب ردة فعل مساوية لفعلهم في المقدار"
نهض سريعًا و توجه إلى الباب حيث السيد بروس وهو يردد مرحبًا يا بروس مرحبًا بك في منزلي الذي لم أعرفه إلا اللحظة ... تعجب بروس من فعله إلا أن أدوار قتل ذلك الاستغراب بقوله "فعلًا أنا حزين على والدي , ولم أكن أريده أن يموت , لأكن ابتعاده عني بعد وفاة والدتي هو موته الحقيقي بالنسبة لي"
.
.
.
إدوار و سوزان و تهيئة القصر و الصندوق /
أقفل بروس باب القصر و أتجه بإدوار إلى منزله حيث سوزان و فضولها ... فهي تنتظر لحظة وصول والدها و إدوار تنتظر هذه اللحظة لتتناول منهما ما تقضي به على جوع فضولها ... وما يطمئنها حيال إدوار , وهاهي تشعر بقرب إشراقهم و ظهورهم من بين كومة المنازل تلك , وبعد برهة يسيره رأتهما فلم تكن تستطيع الصبر إلى أن يصلا إليها فأسرعت لتستقبلهما عند باب الحديقة , فضولها و سرعة كلامها جعلت إدوار يبتسم و يلفظ آخر بقايا الجزع , أخبرها والدها عن أن القصر ذاك هو لإدوار و أن إدوار يريد أن يسكنه ولأكنه غير مهيأ حاليًا ليسكنه إنسان , لم تكن سوزان تريده أن يرحل من منزلهما , ولأكنها لم تستطع معارضة رغبته التي كان يملكها قبل أن يوافق على أن يسكن معهما , و التي عرفتها منه منذ قدومه إليهما ومنذ اقتراح والدها عليه بأن يسكن معهما ...
ابتسمت سوزان ابتسامة مزيفة وقالت أنها ستساعد إدوار في تهيئة منزله الجديد وافق إدوار وكذلك والدها ثم أعرضت عنهما لتستعد للذهاب إلى منزل إدوار الجديد وكانت دموعها تحرق عينيها إلا أنها لم تمسحها خشية أن يلحظ أحدهما تصرفها و يعاتبها أو يسألها عن سبب تلك الدموع ...
ذهب إدوار و السيد بروس و ابنته إلى القصر و طمسوا ظلام المكان بقناديلهم فجعلوا المكان يشرق كالسابق كانت الحشرات و الجرذان مزعجة بالنسبة لسوزان وكان انزعاجها و خوفها من تلك الكائنات يظهر مع أنها كانت في قمة تجلدها ... وقد كان أثاث البيت في حالة جيدة بل أنه يبدوا جديدًا و جميلًا لولا أن أخفت لمعانه بعض الأتربة التي تكدست من طول هجرانه ... وبينما هم يزيلون تلك الغشاوة التي تخفي جمال و فخامة المنزل من الداخل وقع نظر سوزان على صندوق متوسط الحجم ... وكان الصندوق في مكان غير مناسب فنادت إدوار الذي كان لا يبتعد عنها ليساعدها في حمله ... حمل إدوار الصندوق وقد كان ثقيلًا جدا ... فدفعته رغبته في معرفة محتواه إلى كسره ... وكانت المفاجأة كان الصندوق مليئًا بالذهب و المجوهرات ... ذهلت سوزان من اللمعان الذي شع من الصندوق و تعجب إدوار أيضًا مما يراه فهو لم يكن يحلم بقطعة ذهبية و أمامه الآن هذه الكمية العظيمة من الذهب ... دخل السيد بروس الحجرة التي كان فيها إدوار و سوزان ليتعجب هو الآخر مما و جداه ...
لم تكن علامات السعادة تظهر على وجوههم مع أنها كادت تقضي عليهم من الداخل ... إدوار يستطيع مكافئة السيد بروس على معروفة و يستطيع تقديم هدية ثمينة لسوزان هذا ما كان يفكر به إدوار ... أما سوزان و والدها فقد كانا يفكران بأن السعادة ستحل أخيرًا على جسد إدوار و سيتذوقها أخيرًا بعد رحلة معاناته مع صعوبة الحياة ... قد كان تفكير الطرفين مختلفًا ولأكن كلًا منهما كان يفكر بالآخر وحسب ...
.
.
.
الحدث الأخير/
عاد إدوار إلى الوحدة التي كان فيها فهو الآن بمفرده في هذا القصر , وفرة ماله لا يستطيع أن يشتري بها من يؤنسه ... فلم يجد ما يختصر به هذا الوقت الممل إلا الدفتر الذي تزاحمت مشاعره فيه فقلب صفحاته و تذكر الماضي الذي لا فائدة له من تذكره إلا البكاء , ولما أدرك أن الحزن هو الشعور الذي أوفاه حصته من بين المشاعر بل أن هذا الشعور أخذ منه أكثر مما يستحق أقفل الدفتر ثم كتب على غلافه "أيتها الحياة هل سبق و أن منحك أحدهم مثل هذا الصبر الذي قابلك به صاحب هذا الدفتر الملون بجحيم العذاب" أراد إدوار الذهاب إلى منزل بروس وفكر أن يصطحب معه هدية لسوزان وفي المقابل طلبت سوزان من أبيها أن يزورا إدوار اليوم ولأكن السيد بروس تردد وقال لها أنه يخشى أن تتسبب هذه الزيارات المتتالية في إزعاج إدوار و أنه بإمكانه أن يزورهما في أيّ وقت إلا أن سوزان أقنعت والدها بعدما قالت له أن لإدوار كبرياء ككبرياء الشيطان و أنها تخشى من أن يكون سبب انقطاعه عنهما حرج في نفسه ... وافق السيد بروس على طلبها ولأكنه أجله إلى أن ينهي بعض أعماله ... فرحت سوزان بموافقة أبيها وصعدت إلى حجرتها تنتظر عودة أبيها بفارغ الصبر و لأن لحظات الانتظار لا تنقضي سريعًا داعب النوم عينيها حتى خضعت لرغبته ...
وجد إدوار أخيرًا هدية مناسبة فقد أشترى عقدًا منقوشًا عليه الحرف الأول من أسم سوزان ... و أتجه إلى منزل السيد بروس وهو يفكر كيف ستكون سعادة سوزان بهذه الهدية ... ولما أقترب إدوار من منزل السيد بروس تفاجأ بدخان كثيف ينبعث بالقرب منه أو ربما ينبعث من المنزل نفسه ... ركض إدوار سريعًا باتجاه المنزل و الدخان ... ولما وصل إلى المنزل وجد كمًا هائلًا من البشر يحيطون بالمنزل و وجد السيد بروس في حالة يرثى لها سأله إدوار عن سوزان فأخبره بأنها عالقة بين لهب النيران و كثافة الدخان ... لم يتمالك إدوار نفسه فركض إلى داخل المنزل كان الناس في حالة ذهول من تصرفه كيف لم تتراجع رغبته عند مشهد الدخان و اللهب ... أستمر الناس بمحاولة إخماد الحريق بدلاءهم التي لا تحدث القطرات التي بداخلها تغييرًا يذكر أمام هذا الحريق العظيم ...
سمع الناس من حول القصر صوت انهيار من داخله... أستمر الحريق الساعات الطوال ... و أصحاب الدلاء الصغيرة أرهقهم التعب و إدوار لم يخرج بعد لحظات عصيبة أدرك الناس حجم صعوبتها بعدما خمدت النيران و عندما رأوا جثة شابين في مكتمل العمر مفحمة وفي يد أحدهما قلادة التحمت بجسده ...
.
.
.
تمت
في بقعة تحت السماء يعيش شاب يفتقد أقل مقومات الحياة و لا يملك إلا مزرعة صغيرة هي كل ما خلفه له والده بعد أن قرر الهجرة من الريف إلى المدينة وذلك بعد وفاة والدته السيدة "ميلي" ...
الوالد هو السيد / ميشيل ...
و الشاب هو / إدوار ...
.
.
.
لم يكن إدوار سعيدًا بالحياة التي يعيشها بعد وفاة والدته و رحيل والده الذي لم يقنعه بسبب هجرته ولماذا لا يريده أن يذهب معه فكل الذي يعلمه أنه أصبح كإحدى الأوراق التي تسقطها مزرعته كل سنه في فصل الخريف و أن الأيام تجري لسبب واحد وهو أن تنفيه خارج حدود الحياة و عليه أن يقاومها على الأقل ليموت موتتًا بشرية فهو لا يريد أن يذبل كما تذبل بعض النباتات التي تعجز عن الوصول إلى سر حيتها بعد أن يغفل عنها الكائن البشري فإدوار كتب في دفتر حياته أن "البشرية هي قانون يعارض قانون الحياة و أنها تسعى جاهدة للهروب من أسلحة الموت فالبشر يهرعون إلى المناطق الممطرة عندما تشهر الحياة في وجوههم سلاح الجفاف "
و لأن الحياة هي العدو الذي يراه إدوار فهدفه الوحيد الذي يمنعه من أن يقتل نفسه هو مقاومة عدوه ليس أكثر و لهذا كتب على باب منزله "لم أمنعك أيها الموت من الدخول إلا لأني أرى في دخولك انتصارًا لألذ أعدائي" ....
.
.
.
عاش إدوار نصف عقد من عمره على هذه الحالة لا يخالط الناس كثيرًا ولا يتواصل معه أحد ...
بلغ عمر إدوار الآن ثلاثة و عشرون عاما و مع ذلك فهو يعيش في جسدٍ أنهكته الحياة حتى أنها أخفت منه معالم الفتوه و الشباب سئم إدوار من حالته التي لم تتغير منذ خمسة أعوام فقرر الرحيل من هذه المنطقة التي أرغمته على العيش في هذه الحالة طوال هذه المدة و قبل الرحيل ذهب إلى قبر والدته و أخذ يناجيها بقوله " بما أننا لن نجتمع مجددًا بسبب ابتعاد أرواحنا عن بعضها لا داعي من بقاء أجسادنا بالقرب من بعضها "
وسجل في دفتره القديم عبارة وهي "كلٌ مسئول عن ذاته و الحفاظ عليها ولا يحق له ظلمها لمجرد عقابها على ذنب لم تقترفه "
و أتخذ إدوار قراره و أجزم بعدم التراجع عنه و أن هدفه الوحيد الآن هو البحث عن ذاته فحسب ...
.
.
.
المدينة /
صخب الباعة هو الصوت الدخيل على إدوار وكان ذلك بمقابل تخليه عن النغم الذي تحدثه عصافير حديقته ولأن إدوار يبحث عن حياة أُخرى تكيف سريعًا مع هذه الأجواء ويعود ذلك ربما إلى استغنائه منذ فترة طويلة عن عنصر الراحة فهو لا يعرفها فضلًا على أن يفتقدها ...
و بينما هو يسير في أحد شوارع المدينة التي يجهلها و يجهل طبيعة سكانها أفتقد حس الشعور الذي يربطه بالعالم من حوله وهذا بسبب تداخل الكثير من الأمور في ذاكرته فهو بجانب إعجابه بالعمران من حوله يفكر أين يبيت هذه الليلة حاول إدوار أن يتصرف بغباء حتى يخرج من مأزق هذا التفكير فقرر تذكر الماضي و الاستمرار في المضي في طريقة التي يسلكها ولكن "ماذا يتذكر فهو لم يمر بمواقف تحتاج إلى ذكر وكل عمله منذ رحيل والده هو الاعتناء بمزرعته" وبينما هو على هذه الحالة سمع صراخ فنظر عن يمنيه فإذا به يفاجئ بكم هائل من البشر يتجهون نحوه بسرعة و فزع يتقدمهم رجل يرتدي لباس أسود و يغطي وجهه بقطعة قماش وفي يده كيس ملون و لأن إدوار لا يعرف الكثير عن تصرفات البشر أعتقد أنهم يريدون إلحاق الأذى به بينما هم يريدون سارق خزانة تاجر معروف بينهم يدعى السيد "بروس", فطرة إدوار التي لم تنضج بسبب قلة تجربته أجبرته على الهروب من هؤلاء البشر وبعد مسافة قصيرة من الركض أنهكه التعب فالجوع يعتصر فؤاده و الإرهاق يكبل أعضائه توقف إدوار عن الركض بعد أن أسند ظهره لزاوية منيعة وبعد أن تسلح بعصا وجدها ملقاة بالقرب منه , تجمع الناس حوله معتقدين أنه على علاقة بذلك السارق فطريقة هروب إدوار منهم أثارت الشكوك حوله وأنهم لا يتشبثون بدليل يدلهم على السارق المختفي غير هذا الكائن المنهك الذي يصارع أنفاسه مع أن جسده تظهر عليه معالم القوة و شدة البأس في نظرهم ويعود ذلك إلى الأعمال التي كان يمارسها إدوار في الريف .
.
.
.
انزياح الكربة /
لم يجرئ أحد من المحيطين بإدوار على الاقتراب منه فالخوف من التبعات أصاب تصرفاتهم بشلل مؤقت ولكنهم لم يبرحوا أماكنهم خوفًا على مال التاجر المحبوب بينهم وأنهم يعتقدون أن إدوار له دور في العملية التي تعرض لها التاجر , بدأت الشمس ترسل حرارتها على الأرض و بدأ الصمود يتبخر من جسد إدوار الخائف و بعد لحظات رأى إدوار أن ثمة رجل يشق صفوف المتجمعين حوله وقد كان ذلك الرجل هو التاجر وقد كان السيد بروس معروفًا بحكمته ونبل أخلاقة وهذا هو ما رفع منزلته في قلوب المحيطين من حوله ...
أقترب بروس من إدوار وقال له "من أنت ؟ ولماذا هؤلاء القوم يحيطون بك؟"
فيجيبه إدوار بصوت غير مستقر وبكلمات متقطعة "أنا غريب عن المدينة أما عن هؤلاء القوم فلا أعلم عن أمرهم شيئًا غير أنهم يريدون إيذائي وحسب"
- بروس /عجبًا لأمرك تهرب و أنت لم ترتكب أي ذنب !
- إدوار/ ولماذا لا أهرب فأنا لا أعلم ماذا يريدون مني وكل الذي أعلمه أن لي حياة يجب عليّ المحافظة عليها ولي جسد لا أُريد أن يمسه أذى .
- بروس صارخًا بمن حوله / يظهر لي أن هذا الرجل بريء ولا حاجة لبقائكم هنا أشكر لكم وفائكم الذي رأيت معالمه اليوم أيها الأوفياء .
تفرق الناس سريعًا ولم يتعجبوا من قلة تحقيق السيد بروس مع إدوار فنبله يصد رغبته من الحصول على ماله المسلوب بطريقة مبهمة كهذه ..
- بروس/ ما أسمك أيها الغريب ؟
- إدوار/ إدوار يا سيدي
- بروس/ وماذا تعمل يا أدوار في المدينة؟
- إدوار/ لا أعلم عن مستقبلي القادم شيئًا فأنا قدمت إلى المدينة للبحث عن حياة أُخرى و إلى الآن لم أجدها .
- بروس/ هل تقصد أنك لا تملك منزلًا يؤويك ولا عملًا يغنيك ؟!
- إدوار/ نعم يا سيدي .
- بروس/ حسنًا يا إدوار أذهب معي إلى منزلي الآن لتأخذ قسطًا من الراحة فإني أرك تصارع قواك ولا تستطيع تدبر أمرك و أنت في مثل هذه الحالة .
- إدوار/ شكرًا يا سيدي فهذا معروف لا أنساه ما بقيت .
نظرة مختلفة/
تغيرت نظرة إدوار للبشر فقد كان يحسب أن كل من ينظم إلى قائمة "أبن آدم" مسئول عن نفسه و حسب وقد رسخ هذا المعتقد في داخله منذ تخلي أقرب الناس عنه , ولكن ما رآه اليوم شيء مختلف تمامًا عن ما كان يعتقده فوقف الناس إلى جانب التاجر و تركهم لأعمالهم و موقف التاجر منهم ومن المتهم الذي كان بوسعه أن يتهمه وأن يأخذ ما بحوزته من مال .
.
.
.
لحظة الوصول إلى منزل السيد بروس/
يقف إدوار مذهولًَا أمام بوابة منزل بروس فالمنزل فخم و كبير لم يتخيل إدوار أن يرى مثله فضلًا على أن يدخله وقد أسمعه بروس في طريقهما إلى المنزل وقبل أن يصلا إليه نمط الحياة التي يعيشها و أنه تاجرٌ لديه سعة من المال وأنه كان متزوجًا غير أن امرأته توفيت منذ سنة ولا يعيش معه الآن إلا أبنته و تدعى "سوزان" .
قد كانت الزهور في فناء منزل السيد بروس فاتنة و ذات رائحة جذابة .
وقد كانت بركة الماء التي تتوسط مدخل المنزل تعطي طابعًا للثراء و جمال الهندسة الموجودة في المدينة
ولأن إدوار لم يغادر الريف في حياته و لأنه لم يدخل المنازل الفخمة من قبل لم يسعه إلا الذهول و الذهول فقط .
.
.
.
أول لقاء لأدوار مع سوزان /
قدم السيد بروس سترة أنيقة لأدوار و أشار إليه بالاغتسال ليمحوا عن جسده علامات السفر التي تجلت عليه شكره إدوار وقال "فعلًا هذا أللذي أحتاجه الآن"
ثم ذهب السيد بروس إلى غرفة أبنته سوزان و أخبرها بالضيف الذي أتى معه و أمرها بأن تصنع لهما طعامًا فلقد لقيا نصبا هذا اليوم هو و ضيفه , استجابة سوزان لأمر أبيها وبعد أن أتمت تجهيز الطعام اتجهت به إلى غرفة الضيوف حيث كان أباها و أدوار هناك ...
دخلت سوزان الغرفة فلما وقعت عين إدوار عليها شعر بشيء غريب اتجاهها لا يعلم ما هو ولكنه شيء يجذبه نحوها و يفقده السيطرة على نظره فلا يستطيع رفعه عنها , تجاهل إدوار هذا الشعور لكي لا يقع في مأزق غير لائق مع رجل أحسن إليه .
وبعد أن تناول الجميع الطعام وقبل أن يقوموا من على الطاولة سأل السيد بروس إدوار عن قصته و أخذ إدوار بسرد قصته عليهما , وكانت عينا سوزان الجميلتين تراقب حركات إدوار وكأنها طفلة فضوليه تريد أن تعرف كل شيء عن الذي أمامها .
.
.
.
اقتراح السيد بروس لإدوار/
بعد أن انتهى إدوار من قصته نال إعجاب و تعاطف السيد بروس و أبنته فأقترح عليه بروس بأن يعمل معه في تجارته و أن يسكن معهما إلى أن يجد المال الذي يخوله لشراء منزل خاص به , لم يستطع إدوار رفض هذه المساعدة لحاجته إليها وقال لـ"بروس" (أنك تسعى جاهدًَا لمساعدتي و أني أسعى جاهدًا للاعتماد على نفسي و لأن خدمتك هذه هي أول محطة لي في طريق الاعتماد على نفسي لا أستطيع ردها ولكن اعلم أن نفسي لا تستسيغ اتكالي على الغير فأنا كنتُ مزارعًا طعامي أنا من تسبب في وجوده ولم أعتد أن يقدمه لي شخص بهذه السهولة)
.
.
.
إدوار و الحديقة و سوزان /
خلد إدوار للنوم بعد أن تأثر من تعاطف السيد بروس من قصته و بعد أن كتب في دفتر ذكرياته هذه العبارة
"ربما يكون تعاطف من حولنا معنا شيء لطيف بالنسبة لمن يسمع القصة فقط وشيء قاسي و جدًا لمن يعايش قصة مماثلة أو من يستشعر هذا التعاطف عليه" .
وبعد أن أستيقظ إدوار من النوم قرر الذهاب إلى حديقة المنزل ليستمتع بها و بعد أن خرج أخذ يتأمل في بركة الماء و جمالها ثم شدته رائحة الزهور وذهب إلى الحوض الذي توجد فيه و لأنه مزارع لفتت نظرة زهرة صغيرة في مكانٍ غير مناسب و بينما هو كذلك رأته سوزان من شرفة غرفتها وهو في الحديقة فرحت لأنه أستيقظ ليشبع فضول بعض أسئلتها خرجت سوزان إلى الحديقة و حيته ثم رأت الزهرة الصغيرة في يده فداعبته بأخذها و وضعتها في شعرها و سألته عن رأيه بهذه الزهرة فأجابها إدوار بـ"ما خلت أنت تكون هذه الزهرة فاتنة إلا عندما رأيتها معكِ "
ابتسمت سوزان و سألته بخجل عن الدفتر الذي رأته يكتب فيه قبل أن ينام فأجابها بـ"نحن البشر نمر بمواقف يستحال علينا نسيانها و لأننا نريد أن نفرغ ما بحوزتنا من عواطف لا نجد وسيلة فعاله مثل تدوينها فندونها وبعد أن نغلق دفتر الذكريات نقطع التفكير فيها تمامًا"
.
.
.
حياة إدوار الجديدة/
تغيرت أحوال إدوار كثيرًا بل أنها تغيرت تمامًا فهو الآن يعمل مع السيد بروس في التجارة
و يمارس في حديقة المنزل الأعمال التي أعتاد عليها عندما كان في الريف ...
سرّ السيد بروس بإدوار فقد كان إدوار بجانب قوة جسده لا يستسلم للكسل فهو معتاد
على الاستيقاظ مبكرا وعلى الأعمال الشاقة ...
وقد قال له ذات يوم السيد بروس ممازحًا : إني أراك تعصر قواك و جهدك بشكل لم أراه من قبل في غيرك
فرد عليه إدوار : بأن الشمس و التعب نالا مني منذ زمن حتى استوفيا حصتهما من جسدي ...
.
.
.
سوزان و إدوار /
كانت سوزان هي الجانب الروحي لإدوار بعد أن فقد المشاعر التي كان يستمدها من والديه
و كان إدوار يلحظ تغير تصرفاته عندما تقابله سوزان حتى أنه كتب في دفتره الذي نال القدم
منه كل نيل : (مفردة الحب أيسر شيء فيه و أن المتمعن في أسرار الحب يلحظ أن هناك قوة داخلية تتغلب على إرادة العقل وعلى تأثير الخوف وتدفع الإنسان إلى ما يرغبه و إن كان لا يريده وهذه القوة هي قوة الحب)
و كتب أيضًا (أن جسد الإنسان ليس إلا وعاء يختلف عن سائر الأوعية بالمشاعر التي ضخت إليه)
و كانت سوزان هي الأخرى تشعر بما يشعر به إدوار اتجاهها غير أن إدوار يرى أنه الأكثر عطشا
وهو الأكثر تمسكا بها حيث قال : (سوزان لم تكتفي بالمشاعر التي تستمدها من والدها و تستخدمني ربما لأنها تريد تأمين أكبر قدر من المشاعر الجميلة أما أنا فتمثل لي سوزان الحياة التي افتقدتها و تمثل لي عنصر السعادة الذي سقط مني آنفًا ولم أجده إلى الآن)
.
.
.
القصر المهجور/
كان بالقرب من محل السيد "بروس" قصر مهجور وكان "إدوار" يتعجب من أن يكون قصرًا كهذا مهجور سأل إدوار السيد بروس عن سبب موت الحياة في هذا القصر فأجابه بأن هذا القصر أشتراه رجل غريب عن المدينة منذ أربعة أعوام وكان لهذا الرجل إمرة غريبة الأطوار لا شيء يصبرهُ على تصرفاتها إلا جمالها فقد كانت ساحرة الجمال و سيدة في الفتنة و الدلال ولم يلبثا في القصر إلا شهورا بعدها انقطعت عنا صورتهما و صورة الإنارة التي كانت تنبعث من القصر الجميل و انبعثت من القصر رائحة كريهة توصلنا بعدها إلى أن تلك المرأة الحمقاء قتلت زوجها ثم قتلت نفسها وبعد ذلك مات الصبر و الحمق من هذا القصر .
.
.
.
إدوار و صاحب القصر/
لم يكن إدوار يدرك أن في نهاية قصة صاحب القصر بداية لحياة جديدة بالنسبة له فقد علم من "بروس" أن للقصر أسمًا يعرفه به من في المدينة و أن القصر يدعى بقصر "ميشل"
أنه أسم والده الذي عرف مكانه الآن و أضاعه منذ خمسة أعوام , فهو الآن يعلم أين كان والده بعد سنة من افتقاده
كان متزوجا و يسكن هذا القصر تاركًا لأبنه تلك المزرعة وذلك الكوخ و مصارعة الحياة بمفرده .
لم يكن "بروس" بعلم أنه سيتسبب في انهيار جسد إدوار القوي فقط بذكر أسم ذلك القصر فهو و إن كان يعرف قصة إدوار كاملة إلا أنه لا يعرف أن أسم والد إدوار "ميشل"
.
.
.
نازلة إدوار/
حُمل إدوار إلى منزل "بروس" فهو لا يقوى على الحركة ولا يقوى حتى على الكلام فتمتمته تجعل من حوله في حيرة "ماذا يقول و هل يلفظ آخر أنفاسه الآن" هكذا هو إدوار بعد نزول الصاعقة عليه و هكذا هو طيلة اليوم المشئوم و إلى أن أستطاع إخبار السيد "بروس" و أبنته أن "ميشل" أسم والده الرجل الغريب الذي أتى إلى المدينة منذ أربعة أعوام , تأثرت "سوزان" كثيرًا و أرادت أن تشاطره جزء من عذاب نازلته وكذلك السيد بروس
لولا أن قانونًا غابرًا و متكدسًا بين قوانين الحياة يتجلى لهم وهو أن "النوازل لا تخص إلا شخصًا معينا لا يشاركه فيها أحد بإرادته و يبقى تأثيرها مركزًا على من وقعت عليه مهما حاول من حوله التخفيف من تأثيرها"
.
.
.
نصيحة بروس لإدوار /
وبعد ساعة من الذهول تنقضي لحظات الصمت من حول إدوار فـ"بروس" يقترح عليه أن يدخل القصر و أن يرى صورة الرجل التي على الحائط فإن كانت لوالده فلإدوار القصر وما يختزنه فمفتاح القصر في مكان ما ,لا يعلم عنه أحد من سكان المدينة إلا السيد "بروس" الذي أوكلوا إليه أمانة هذا القصر .
وافق إدوار و تحامل على نفسه ليصل إلى حقيقة ذلك القصر وحقيقة الاستنتاج الذي توصل إليه و أن "ميشل" هذا هو نفسه ذاك الذي سافر و سافر التفكير معه و الذي أفتقده طيلة تلك الفترة .
.
.
.
الصورة بملامح لامعه /
وصل إدوار و بروس إلى القصر الذي يسكنه حل اللغز , وقبل أن يدخلاه أحس إدوار بشعور غريب لا يكاد يوصف وهو ذات الشعور الذي كان يشعر به عند قبر والدته , تجاهل إدوار هذا الشعور فعواطف الإنسان شيء حقيقي و لأكنها لا تقول له الحقيقة دائما , دخل إدوار القصر و أنتظره بروس خارجًا , كان القصر بظلامه متشبع بعناصر الرعب , لا ضوء غير البصيص الذي تحدثه الشمعة التي بيد إدوار , أصوات الجرذان و الجنادب هي الصخب الوحيد في هذا القصر , يسير إدوار بخطى أعيتها بعثرة الأحداث و المفاجئات , و فجأة و بسابق إنذار من الشمعة التي لامست الجدار وصل إدوار إلى الحائط ومن ثورة فضوله رفع الشمعة سريعًا حتى كاد يقتلها الهواء الذي ارتطمت به , كان الرسام الذي رسم الصورة غاية في الإتقان هذا أول ما طرأ على إدوار , فقد أخفى من معالم الوجه أثار الشحوب التي كانت في والد إدوار و التي ولدت في الريف و المزرعة و التي اقتاتت الأعمال الشاقة و جعل للصورة من معالم الرفاهية الشيء الكثير و الشيء الذي يخولها للحصول على الإطار الثمين الذي يزينها ...
.
.
.
إدوار يرحب بـ"بروس"/
بعد أن أيقن إدوار أن الصورة هي صورة والده و أن "ميشل" الذي كان يسكن هذا القصر و الذي قتلته زوجته هو "ميشل" ذاته الذي ماتت زوجته في الريف و هو ذاته الذي قتل مشاعره اتجاه ولده الصغير الذي لم يطلع على الجانب الآخر للحياة فهو لا يعرف عنها و منها إلا الجهد و الموت ...
تجول إدوار في البقعة التي كان والده يقضي الحياة فيها و التي قُضي عليه فيها تجول وهو يضم الصورة التي لا يدري عن مشاعره نحوها فهو لا يحبها ولأكنه أيضًا لا يكرهها , وقع نظر إدوار على المدفئة فتناول منها ومن رمادها قطعة صغيرة لم تتناولها النار لتتركها له فكتب خلف الصورة التي كان يضمها "ينهار البشر في مواضع لا يحق لهم أن يعذبوا أنفسهم بها , فعدما يتجاهل الآخرين مشاعرهم اتجاهنا يجب علينا أن نكون أصحاب ردة فعل مساوية لفعلهم في المقدار"
نهض سريعًا و توجه إلى الباب حيث السيد بروس وهو يردد مرحبًا يا بروس مرحبًا بك في منزلي الذي لم أعرفه إلا اللحظة ... تعجب بروس من فعله إلا أن أدوار قتل ذلك الاستغراب بقوله "فعلًا أنا حزين على والدي , ولم أكن أريده أن يموت , لأكن ابتعاده عني بعد وفاة والدتي هو موته الحقيقي بالنسبة لي"
.
.
.
إدوار و سوزان و تهيئة القصر و الصندوق /
أقفل بروس باب القصر و أتجه بإدوار إلى منزله حيث سوزان و فضولها ... فهي تنتظر لحظة وصول والدها و إدوار تنتظر هذه اللحظة لتتناول منهما ما تقضي به على جوع فضولها ... وما يطمئنها حيال إدوار , وهاهي تشعر بقرب إشراقهم و ظهورهم من بين كومة المنازل تلك , وبعد برهة يسيره رأتهما فلم تكن تستطيع الصبر إلى أن يصلا إليها فأسرعت لتستقبلهما عند باب الحديقة , فضولها و سرعة كلامها جعلت إدوار يبتسم و يلفظ آخر بقايا الجزع , أخبرها والدها عن أن القصر ذاك هو لإدوار و أن إدوار يريد أن يسكنه ولأكنه غير مهيأ حاليًا ليسكنه إنسان , لم تكن سوزان تريده أن يرحل من منزلهما , ولأكنها لم تستطع معارضة رغبته التي كان يملكها قبل أن يوافق على أن يسكن معهما , و التي عرفتها منه منذ قدومه إليهما ومنذ اقتراح والدها عليه بأن يسكن معهما ...
ابتسمت سوزان ابتسامة مزيفة وقالت أنها ستساعد إدوار في تهيئة منزله الجديد وافق إدوار وكذلك والدها ثم أعرضت عنهما لتستعد للذهاب إلى منزل إدوار الجديد وكانت دموعها تحرق عينيها إلا أنها لم تمسحها خشية أن يلحظ أحدهما تصرفها و يعاتبها أو يسألها عن سبب تلك الدموع ...
ذهب إدوار و السيد بروس و ابنته إلى القصر و طمسوا ظلام المكان بقناديلهم فجعلوا المكان يشرق كالسابق كانت الحشرات و الجرذان مزعجة بالنسبة لسوزان وكان انزعاجها و خوفها من تلك الكائنات يظهر مع أنها كانت في قمة تجلدها ... وقد كان أثاث البيت في حالة جيدة بل أنه يبدوا جديدًا و جميلًا لولا أن أخفت لمعانه بعض الأتربة التي تكدست من طول هجرانه ... وبينما هم يزيلون تلك الغشاوة التي تخفي جمال و فخامة المنزل من الداخل وقع نظر سوزان على صندوق متوسط الحجم ... وكان الصندوق في مكان غير مناسب فنادت إدوار الذي كان لا يبتعد عنها ليساعدها في حمله ... حمل إدوار الصندوق وقد كان ثقيلًا جدا ... فدفعته رغبته في معرفة محتواه إلى كسره ... وكانت المفاجأة كان الصندوق مليئًا بالذهب و المجوهرات ... ذهلت سوزان من اللمعان الذي شع من الصندوق و تعجب إدوار أيضًا مما يراه فهو لم يكن يحلم بقطعة ذهبية و أمامه الآن هذه الكمية العظيمة من الذهب ... دخل السيد بروس الحجرة التي كان فيها إدوار و سوزان ليتعجب هو الآخر مما و جداه ...
لم تكن علامات السعادة تظهر على وجوههم مع أنها كادت تقضي عليهم من الداخل ... إدوار يستطيع مكافئة السيد بروس على معروفة و يستطيع تقديم هدية ثمينة لسوزان هذا ما كان يفكر به إدوار ... أما سوزان و والدها فقد كانا يفكران بأن السعادة ستحل أخيرًا على جسد إدوار و سيتذوقها أخيرًا بعد رحلة معاناته مع صعوبة الحياة ... قد كان تفكير الطرفين مختلفًا ولأكن كلًا منهما كان يفكر بالآخر وحسب ...
.
.
.
الحدث الأخير/
عاد إدوار إلى الوحدة التي كان فيها فهو الآن بمفرده في هذا القصر , وفرة ماله لا يستطيع أن يشتري بها من يؤنسه ... فلم يجد ما يختصر به هذا الوقت الممل إلا الدفتر الذي تزاحمت مشاعره فيه فقلب صفحاته و تذكر الماضي الذي لا فائدة له من تذكره إلا البكاء , ولما أدرك أن الحزن هو الشعور الذي أوفاه حصته من بين المشاعر بل أن هذا الشعور أخذ منه أكثر مما يستحق أقفل الدفتر ثم كتب على غلافه "أيتها الحياة هل سبق و أن منحك أحدهم مثل هذا الصبر الذي قابلك به صاحب هذا الدفتر الملون بجحيم العذاب" أراد إدوار الذهاب إلى منزل بروس وفكر أن يصطحب معه هدية لسوزان وفي المقابل طلبت سوزان من أبيها أن يزورا إدوار اليوم ولأكن السيد بروس تردد وقال لها أنه يخشى أن تتسبب هذه الزيارات المتتالية في إزعاج إدوار و أنه بإمكانه أن يزورهما في أيّ وقت إلا أن سوزان أقنعت والدها بعدما قالت له أن لإدوار كبرياء ككبرياء الشيطان و أنها تخشى من أن يكون سبب انقطاعه عنهما حرج في نفسه ... وافق السيد بروس على طلبها ولأكنه أجله إلى أن ينهي بعض أعماله ... فرحت سوزان بموافقة أبيها وصعدت إلى حجرتها تنتظر عودة أبيها بفارغ الصبر و لأن لحظات الانتظار لا تنقضي سريعًا داعب النوم عينيها حتى خضعت لرغبته ...
وجد إدوار أخيرًا هدية مناسبة فقد أشترى عقدًا منقوشًا عليه الحرف الأول من أسم سوزان ... و أتجه إلى منزل السيد بروس وهو يفكر كيف ستكون سعادة سوزان بهذه الهدية ... ولما أقترب إدوار من منزل السيد بروس تفاجأ بدخان كثيف ينبعث بالقرب منه أو ربما ينبعث من المنزل نفسه ... ركض إدوار سريعًا باتجاه المنزل و الدخان ... ولما وصل إلى المنزل وجد كمًا هائلًا من البشر يحيطون بالمنزل و وجد السيد بروس في حالة يرثى لها سأله إدوار عن سوزان فأخبره بأنها عالقة بين لهب النيران و كثافة الدخان ... لم يتمالك إدوار نفسه فركض إلى داخل المنزل كان الناس في حالة ذهول من تصرفه كيف لم تتراجع رغبته عند مشهد الدخان و اللهب ... أستمر الناس بمحاولة إخماد الحريق بدلاءهم التي لا تحدث القطرات التي بداخلها تغييرًا يذكر أمام هذا الحريق العظيم ...
سمع الناس من حول القصر صوت انهيار من داخله... أستمر الحريق الساعات الطوال ... و أصحاب الدلاء الصغيرة أرهقهم التعب و إدوار لم يخرج بعد لحظات عصيبة أدرك الناس حجم صعوبتها بعدما خمدت النيران و عندما رأوا جثة شابين في مكتمل العمر مفحمة وفي يد أحدهما قلادة التحمت بجسده ...
.
.
.
تمت
شادى-
عدد الرسائل : 5
العمر : 38
نقاط العضو الممتاز : 13
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 12/10/2011
مواضيع مماثلة
» الإنسان قبل ( الحب ) وبعد ( الحب ) وعند ( الحب ) ...
» ماهو الحب؟سؤال يشغل تفكير الكثيرين ماعلاقة الحب بالقلب؟
» متى يموت الحب ؟؟ وهل يعقل ان يتحول الحب الى كره
» عيد الحب
» الحب الحب الحب
» ماهو الحب؟سؤال يشغل تفكير الكثيرين ماعلاقة الحب بالقلب؟
» متى يموت الحب ؟؟ وهل يعقل ان يتحول الحب الى كره
» عيد الحب
» الحب الحب الحب
العمــــدة :: القائمة :: الموضيع العامه
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى