ماهية الحقيقة عند الفيلسوف الألماني هيدجر
العمــــدة :: القائمة :: الموضيع العامه
صفحة 1 من اصل 1
ماهية الحقيقة عند الفيلسوف الألماني هيدجر
الحديث عن الحقيقة هو حديث لا ينفك عن الكيفية التي نفكر بها في ذواتنا ، وما
حولنا ، وكذا الكيفية التي يتشكل من خلالها الوجود . وقد انشغل الفكر الفلسفي منذ
العصر اليوناني عامة ، وبعد سقراط بصفة خاصة بالماهية المؤسسة لحقيقة الموجود على
حساب الوجود ،
وقد اتخذت هذه الماهية ثارة بعدا قبليا ، وتارة بعديا في
تشكيل الموجود ، ماهية أعلت من شأن اللوغوس على حساب الميتوس1 ، والذاتية المتعالية
على حسب ماهو محايث للواقع . لكن الشيء الذي ظل ثابتا في ظل هذا التفكير الفلسفي هو
هيمنة ما أسماه هيدجر بفلسفة الحضور القائمة على آلية التقابل بين ثنائيات صنمية :
الجوهر في مقابل العرض ، والذات في مقابل الموضوع ، والأصل في مقابل الفرع . تشكل
الفكر الفلسفي هذا باعتباره الناطق الوحيد والأوحد للحقيقة ، الحقيقة التي اختزلت
في الموجود على حساب الوجود2 . في ظل هذه الرؤية الفلسفية الميتافيزيقية للحقيقة ،
ظهر فعل الإنصات إلى الوجود عند الوجود ، محاورا ما به يتأسس الوجود داخل
الميتافيزيقا بمعناها الواسع ،
وما به يتأسس نسيان الوجود انطلاقا من
\” بداهة\” وضوح الموجود تجاه ذات .
عارفة3إذا كان فعل الإنصات
الهيدجيري قام ضد التأمل الخالص ، والوعي المتعالي ، والوجودية ذات النزعة
الإنسانية المفرطة . فما هي أهم \” الخصائص \” المميزة للمسار \” الفلسفي الجديد \”
الذي نحثه هيدجر في تصوره للحقيقة ؟ وبأي معنى أن الحديث عن الحقيقة من منظور هيدجر
هو ملازم لفعل تقويض الميتافيزيقا ؟ وبأي معنى أن النظر إلى الحقيقة في نظر هيدجر
لا ينفصل عن اللاحقيقة ، وأن كل اكتشاف للحقيقة هو تستر واختفاء ؟ وهل اكتشاف
الحقيقة يعني إقصاء للخطأ والوهم ؟ وإذا كانت الحقيقة بما هي اكتشاف وإخفاء فما
الحقيقة إذن ؟
إذا كان كل حديث عن الحقيقة لا ينفك عن الوجود ، فهذا يعني
أن السؤال حول الوجود يقاس بدرجات تفاعلنا معه ، ودرجات وعينا ، ومدى استيعابنا
لدرجات تفاعل ذواتنا معه ، وعيا واستيعابا لا ينفصلان عن الكيفية التي نتعايش معه ،
والكيفية التي يوقظ فينا هذا التعايش ، باعتبار أن ماهية هذا التعايش مست من القلق*
والهم الذي يبدد حياتنا ، ويوقظ فينا الاغتراب الوجودي . الهم الذي اعتبره هيدجر
ملازم لحياة الإنسان بما هو تجلي من تجليات الوجود . الإنسان الذي يكابد تجربة
الموت 4، ويعمل طيلة وجوده على نسيانه بالارتماء نحو الآخر ، وانسحابه من الوجود
الماهوي ، وتعلقه بلحظة السقوط التي لولاها لما كان لوجودنا من مغزى ، وما كان
للوجود انكشافا .يقول هيدجر:\” في القلق\” نحن نسبح معلقين\” وبتعبير أوضح فإن
القلق يمس بنا معلقين هكذا لأنه يحدث انزلاقا للكائن في مجموعه…إننا ننزلق بين
الكائنات…ولا وجود إلا للكائن الذي يحقق حضوره في القلق، والذي يجعله لا يتعلق بأي
شيء\”* ودلالة هذا التوضيح أن علاقة الإنسان بالوجود في نظر هيدجر ليست مجرد علاقة
تأملية خالصة ، قوامها مسبقات الميتافيزيقا وهي تدشن لنفسها خلودا على حساب الوجود
المقلق الحي . وبهذا المعنى أيضا نرى أن مساءلة ما به يتأسس مشروعية الحديث عن
الحقيقة عند هيدجر هو ملازم لمساءلة الوجود . لكن هل يمكن مساءلة الوجود دون تفويض
هندسة السؤال الميتافيزيقي ؟ ليس سؤالا معرفيا ، ينضاف إلى باقي التصورات الفلسفية
التي طرحت حول الحقيقة عبر التاريخ الفعلي للفلسفة ، بما هي تصورات استجابت
لميتافيزيقا البحث عن الحقيقة . سؤال هيدجر عن الحقيقة يراد به تصحيح ما قيل حول
الحقيقة ، وما إذا كانت الحقيقة عقلية أم حسية واقعية ، مطلقة أم نسبية ، متعالية
أم محايثة للواقع الحسي ، لأن نوعا من هذا البحث يفترض وبشكل ميتافيزيقي أن كل بحث
عن الحقيقة هو ملازم لتمثل الموضوع حاضرا أمام ذات ما ، وأن كل بحث عن الحقيقة يراد
منها \” تجاوز\” ما يندرج ضمن اللاحقيقة كالخطأ والشك والجنون ، بل إن القدرة على
طرح السؤال في نظر هيدجر \” معناه أن تكون قادرا على الانتظار حتى ولو العمر كله
\”5 .
ألم يؤكد هيدجر من خلال طرحه للسؤال ما الفلسفة ؟
أنه سؤال
\” يضعنا في موقف عال على الفلسفة ، أي بمعزل عنها \”6 ، لأنه سؤال يضعنا داخل
الفلسفة ، أي ممارسة التفلسف ، بل ندور حولها .
كذلك الأمر عندما نقتحم
عتبة السؤال المتعلق بماهية الحقيقة ،
فهو سؤال يتمادي فيه الفكر باعتبار
أن فجره ظل معتما ، بدون هوية ولا خصوصية \” يزعزع استقرار الإنسان \” ، ويزعزع \”
البداهة \” و \” اليقين\” و \” الحس المشترك \” و \” عقلانية الفلسفة \” ، لا
باعتبارها أخطاء يجب تصحيحها ، بل مساءلتها وإعادة مساءلة الكيفية التي تمثلت فيها
الحقيقة كحضور وكشف . إن طريق مساءلة الحقيقة عند هيدجر هو طريق متعثر ، بقدر ما
نتقدم فيه إلى الإمام ، بقدر ما نحن نتراجع ، التراجع الذي يقوض حضور الزمن في
الميتافيزيقا ، وينسف وحدة الحقيقة بما انكشاف وإخفاء ، وبالتقدم الذي ما يفتأ
يختفي ننصت إلى انكشا فات الوجود .
بهذا المعنى فالسؤال عن ماهية الحقيقة
يجد تجلياته الفعلية في تقويض الميتافيزيقا ، تقويض يروم هدم مجمل المفاهيم التي
تشكلت عبر ثنائيات صنمية الذات / الموضوع . العقل / اللامعقول . الحقيقة /
اللاحقيقة . الفكر / الواقع … تقويض يرتد \” في آخر المطاف\” إلى تحقيق مجاوزة
فعلية للميتافيزيقا ، ضد المجاوزات الأخرى التي ظلت تحاكم الفلسفة /
الميتافيزيقا.
حولنا ، وكذا الكيفية التي يتشكل من خلالها الوجود . وقد انشغل الفكر الفلسفي منذ
العصر اليوناني عامة ، وبعد سقراط بصفة خاصة بالماهية المؤسسة لحقيقة الموجود على
حساب الوجود ،
وقد اتخذت هذه الماهية ثارة بعدا قبليا ، وتارة بعديا في
تشكيل الموجود ، ماهية أعلت من شأن اللوغوس على حساب الميتوس1 ، والذاتية المتعالية
على حسب ماهو محايث للواقع . لكن الشيء الذي ظل ثابتا في ظل هذا التفكير الفلسفي هو
هيمنة ما أسماه هيدجر بفلسفة الحضور القائمة على آلية التقابل بين ثنائيات صنمية :
الجوهر في مقابل العرض ، والذات في مقابل الموضوع ، والأصل في مقابل الفرع . تشكل
الفكر الفلسفي هذا باعتباره الناطق الوحيد والأوحد للحقيقة ، الحقيقة التي اختزلت
في الموجود على حساب الوجود2 . في ظل هذه الرؤية الفلسفية الميتافيزيقية للحقيقة ،
ظهر فعل الإنصات إلى الوجود عند الوجود ، محاورا ما به يتأسس الوجود داخل
الميتافيزيقا بمعناها الواسع ،
وما به يتأسس نسيان الوجود انطلاقا من
\” بداهة\” وضوح الموجود تجاه ذات .
عارفة3إذا كان فعل الإنصات
الهيدجيري قام ضد التأمل الخالص ، والوعي المتعالي ، والوجودية ذات النزعة
الإنسانية المفرطة . فما هي أهم \” الخصائص \” المميزة للمسار \” الفلسفي الجديد \”
الذي نحثه هيدجر في تصوره للحقيقة ؟ وبأي معنى أن الحديث عن الحقيقة من منظور هيدجر
هو ملازم لفعل تقويض الميتافيزيقا ؟ وبأي معنى أن النظر إلى الحقيقة في نظر هيدجر
لا ينفصل عن اللاحقيقة ، وأن كل اكتشاف للحقيقة هو تستر واختفاء ؟ وهل اكتشاف
الحقيقة يعني إقصاء للخطأ والوهم ؟ وإذا كانت الحقيقة بما هي اكتشاف وإخفاء فما
الحقيقة إذن ؟
إذا كان كل حديث عن الحقيقة لا ينفك عن الوجود ، فهذا يعني
أن السؤال حول الوجود يقاس بدرجات تفاعلنا معه ، ودرجات وعينا ، ومدى استيعابنا
لدرجات تفاعل ذواتنا معه ، وعيا واستيعابا لا ينفصلان عن الكيفية التي نتعايش معه ،
والكيفية التي يوقظ فينا هذا التعايش ، باعتبار أن ماهية هذا التعايش مست من القلق*
والهم الذي يبدد حياتنا ، ويوقظ فينا الاغتراب الوجودي . الهم الذي اعتبره هيدجر
ملازم لحياة الإنسان بما هو تجلي من تجليات الوجود . الإنسان الذي يكابد تجربة
الموت 4، ويعمل طيلة وجوده على نسيانه بالارتماء نحو الآخر ، وانسحابه من الوجود
الماهوي ، وتعلقه بلحظة السقوط التي لولاها لما كان لوجودنا من مغزى ، وما كان
للوجود انكشافا .يقول هيدجر:\” في القلق\” نحن نسبح معلقين\” وبتعبير أوضح فإن
القلق يمس بنا معلقين هكذا لأنه يحدث انزلاقا للكائن في مجموعه…إننا ننزلق بين
الكائنات…ولا وجود إلا للكائن الذي يحقق حضوره في القلق، والذي يجعله لا يتعلق بأي
شيء\”* ودلالة هذا التوضيح أن علاقة الإنسان بالوجود في نظر هيدجر ليست مجرد علاقة
تأملية خالصة ، قوامها مسبقات الميتافيزيقا وهي تدشن لنفسها خلودا على حساب الوجود
المقلق الحي . وبهذا المعنى أيضا نرى أن مساءلة ما به يتأسس مشروعية الحديث عن
الحقيقة عند هيدجر هو ملازم لمساءلة الوجود . لكن هل يمكن مساءلة الوجود دون تفويض
هندسة السؤال الميتافيزيقي ؟ ليس سؤالا معرفيا ، ينضاف إلى باقي التصورات الفلسفية
التي طرحت حول الحقيقة عبر التاريخ الفعلي للفلسفة ، بما هي تصورات استجابت
لميتافيزيقا البحث عن الحقيقة . سؤال هيدجر عن الحقيقة يراد به تصحيح ما قيل حول
الحقيقة ، وما إذا كانت الحقيقة عقلية أم حسية واقعية ، مطلقة أم نسبية ، متعالية
أم محايثة للواقع الحسي ، لأن نوعا من هذا البحث يفترض وبشكل ميتافيزيقي أن كل بحث
عن الحقيقة هو ملازم لتمثل الموضوع حاضرا أمام ذات ما ، وأن كل بحث عن الحقيقة يراد
منها \” تجاوز\” ما يندرج ضمن اللاحقيقة كالخطأ والشك والجنون ، بل إن القدرة على
طرح السؤال في نظر هيدجر \” معناه أن تكون قادرا على الانتظار حتى ولو العمر كله
\”5 .
ألم يؤكد هيدجر من خلال طرحه للسؤال ما الفلسفة ؟
أنه سؤال
\” يضعنا في موقف عال على الفلسفة ، أي بمعزل عنها \”6 ، لأنه سؤال يضعنا داخل
الفلسفة ، أي ممارسة التفلسف ، بل ندور حولها .
كذلك الأمر عندما نقتحم
عتبة السؤال المتعلق بماهية الحقيقة ،
فهو سؤال يتمادي فيه الفكر باعتبار
أن فجره ظل معتما ، بدون هوية ولا خصوصية \” يزعزع استقرار الإنسان \” ، ويزعزع \”
البداهة \” و \” اليقين\” و \” الحس المشترك \” و \” عقلانية الفلسفة \” ، لا
باعتبارها أخطاء يجب تصحيحها ، بل مساءلتها وإعادة مساءلة الكيفية التي تمثلت فيها
الحقيقة كحضور وكشف . إن طريق مساءلة الحقيقة عند هيدجر هو طريق متعثر ، بقدر ما
نتقدم فيه إلى الإمام ، بقدر ما نحن نتراجع ، التراجع الذي يقوض حضور الزمن في
الميتافيزيقا ، وينسف وحدة الحقيقة بما انكشاف وإخفاء ، وبالتقدم الذي ما يفتأ
يختفي ننصت إلى انكشا فات الوجود .
بهذا المعنى فالسؤال عن ماهية الحقيقة
يجد تجلياته الفعلية في تقويض الميتافيزيقا ، تقويض يروم هدم مجمل المفاهيم التي
تشكلت عبر ثنائيات صنمية الذات / الموضوع . العقل / اللامعقول . الحقيقة /
اللاحقيقة . الفكر / الواقع … تقويض يرتد \” في آخر المطاف\” إلى تحقيق مجاوزة
فعلية للميتافيزيقا ، ضد المجاوزات الأخرى التي ظلت تحاكم الفلسفة /
الميتافيزيقا.
العمــــدة :: القائمة :: الموضيع العامه
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى